يقول: "مع اتفاقهم على انتفاء الإثم"
أي أن الفقهاء عامةً من الصحابة وغيرهم اتفقوا على انتفاء الإثم، ولكن الخلاف في وجوب القضاء.
والحاصل مما ذكرنا، أنه لا يقضي من الناحية الحكمية والفقهية على الصحيح الراجح، وأيضاً لا يؤاخذ من الناحية الأخروية.
فيقول: "مع اتفاقهم على انتفاء الإثم؛ لأن الله عفا لهذه الأمة عن الخطأ والنسيان" قال تعالى: ((رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا))[البقرة:286].
فاستجاب الله لهم أن لا يؤاخذهم إذا نسوا أو أخطئوا، كما صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم في تفسير هذه الآية.
يقول: "فإذا كان هذا في التأثيم، فكيف في التكفير؟" أي: إذا كان لا يأثم ولا يقضي، فكيف نقول: إنه يكفُر؟!
ثم يعلل لذلك رحمه الله، ويقول: "وكثير من الناس قد ينشأ في الأمكنة والأزمنة التي يندرس فيها كثيرٌ من علوم النبوات".
بهذه المناسبة لـشيخ الإسلام رحمه الله كلام قريب من هذا المعنى وأكثر وأوسع في تفسير سورة الإخلاص أيضاً، وموجزه: أنه قد توجد أمكنة أو أزمنة يندرس فيها كثير من علوم النبوات، فآثار النبوة تمحى وما أكثر ذلك! والجاهلية المطلقة لا تقع بعد بعثة محمد صلى الله عليه وسلم؟ لأن الله تعالى تأذن وتكفل: أن لا تزال طائفة من هذه الأمة على الحق منصورة ظاهرة لا يضرها من خالفها؛ لكن هناك جاهلية مقيدة في زمانٍ ومكان تكون آثار النبوة عنه غائبة، يقول رحمه الله عن مثل ذلك:
"حتى لا يبقى من يبلغ ما بعث الله به رسوله من الكتاب والحكمة، فلا يُعلم كثيرٌ مما يبعث الله به رسوله، ولا يكون هناك من يبلغه ذلك، ومثل هذا لا يكفر".
أي: أنه قد يوجد مسلمون -وهذا موجود في كل الأزمنة- لكن في مناطق نائية بعيدة لم يجدوا من يبلغهم دين الله الحق، فلا يعرفون من الإسلام إلا بعض الأمور كشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، أو يصلي، أو يعرف أن الحج واجب، وهذا ظاهر في كثير من الحجاج، لكن إذا جاء لا يدري بأعمال الحج، فعنده شعور وعاطفة فأحب أن يحج، لكن لا يعرف ما هو الحج، ويجهل هذه الأمور جميعاً.
  1. ذكر حديث حذيفة ودلالته على انتفاء الإثم بالجهل

  2. مذهب السلف فيمن ترك الصلاة والصيام والحج

  3. حديث حذيفة لا يدل على عدم كفر تارك الصلاة